منتدي بحر مصر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي بحر مصر

ثقافة, ابحاث, قرآن, كتب , كل هذا وغيره لدينا هنا
 
الرئيسيةشبكة بحر مصرأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 محمود درويش المعجزة.............شاعر الحرية لا يموت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Night Wolf
المراقب العام
المراقب العام
Night Wolf


ذكر عدد الرسائل : 245
العمر : 30
الهوايه : Program Researcher
المزاج : !!!GOOD
تاريخ التسجيل : 14/09/2008

محمود درويش المعجزة.............شاعر الحرية لا يموت Empty
مُساهمةموضوع: محمود درويش المعجزة.............شاعر الحرية لا يموت   محمود درويش المعجزة.............شاعر الحرية لا يموت I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 24, 2008 5:10 pm


محمود درويش المعجزة.............شاعر الحرية لا يموت







كيف يموت شاعرٌ ما تزال كلماته مدججة بالسلاح؟ كيف يموت شاعرٌ لم تتوقف قصائده عن إثارة الفزع فى صفوف الغزاة والمحتلين؟ بل كيف يموت شاعرٌ يولدُ مع كل حجر يلقى به طفل فلسطينى فى وجه دبابة؟ لو كان شعراءُ الحرية يموتون، لمات أبو القاسم الشابي، ولمات نزار قباني، ولمات محمد مهدى الجواهري، ولمات بدر شاكر السياب.

لو كان شعراء الحرية يموتون لمتنا نحن أيضا، ولماتت الأمة التى من أجل حريتها ظلوا ينشدون ويغنون.

ولكنهم لم يموتوا. وهم لن يموتوا ما بقى حجرٌ فى هذه الأرض يستطيع طفلٌ أن يصفع به وجه دبابة.

وهم لم يموتوا لأن قضية الحرية لا تموت.

قد نخسر، مثلما خسر محمود درويش المعركة مع قلبه. وقد نخسر أرضا فى المفاوضات بين الجرح والسكين. وقد نبدو مهزومين بالخوف والعوز والنقص المروع للأوكسجين، إلا أن جمرة الحرية التى تحرق أكف المحرومين والمشردين لن تخمد.

فالخيمة لن تعوض البيت. والمفاوضات لن تقايض الأرض على حقنا. والكلام العابر لن يعوض الشعر.

ولو كان للحرية أن تموت، لما كانت الأر.بي.جى الفلسطينية تستطيع أن تسد الطريق على الغزاة فى بيروت.

ولو كان للحرية أن تموت، لخرست عبوات الطريق التى يزرعها المقاومون فى العراق على طول المسافة بين كل خطة أمنية واجتياح جديد.

ولو كان للحرية أن تموت ما كان لدرويش أن يكون صوتا لفلسطين ولكل يقظة ضمير، ولكل حر.. عربي. فـ"سجل أنا عربي"، "ورقمُ بطاقتى خمسونَ ألفْ/ وأطفالى ثمانيةٌ/ وتاسعهُم.. سيأتى بعدَ صيفْ".

قال درويش، ومن يومها ورقم بطاقة كل عربى صار خمسين ألفا من الكدح والغضب. "أنا عربي/ أنا اسم بلا لقبِ./ صبورٌ فى بلادٍ كلُّ ما فيها/ يعيشُ بفورةِ الغضبِ. جذوري.../ قبلَ ميلادِ الزمانِ رستْ/ وقبلَ تفتّحِ الحقب".

فكيف يموت شاعر كان هذا من بين ما نبت على أغصانه الأولى؟
أتراه يخدعنا بالقول إنه "مات"؟

ذهب درويش ليجرى عملية قلب مفتوح. وقيل إنه عاد فى جنازة. وقيل إن تلك كانت آخر عملية فدائية يخوضها من أجل صباح أقرب إلى فلسطين. ولكن قلبه المفتوح ظل مفتوحا ليخادعنا، وعاد ليقول لهم ولنا: "سجّل".

"سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى/ أنا لا أكرهُ الناسَ/ ولا أسطو على أحدٍ/ ولكنّي.. إذا ما جعتُ/ آكلُ لحمَ مغتصبي/ حذارِ.. حذارِ.. من جوعي/ ومن غضبي".

ولو يموت شاعر كهذا لما كان للحرية أن تكون قصيدة مجد كتلك التى يغنيها الملايين بدمائهم، ولما رفرفت علما من بغداد إلى غزة.

وفلسطين لم تكن أرضا، ولا قضية شعب، ولا صراعا وجوديا ضد كيان سافل، بل حرية.

كنا نكتب من أجلها لنستغفل الطغيان ونمارس الحرية. وكنا نتشرد من أجلها لنهرب من الأقفاص إلى برارى الحرية. وكنا ننزف دما من أجل أن ننتشى بخمرتها كحرية.

هذه هى فلسطين التى من أجلها يولد شاعر مثل درويش. فيخادعنا وجوده المادي، ليكتشف، ولنكتشف، أنه لا يموت.

فشكرا لتلك الأرض التى أنجبتك. وشكرا لتلك الأرض التى ستحاول أن تخدعنا بأنها ستعود لتضمك. وشكرا للحرية التى من أجلها ستظل قصائدك تُدجج الأر.بي.جى بما لم يكن فيها. وشكرا للعبوة الناسفة، التى يزرعها طفل فى الطريق إلى الحرية. وشكرا للقصيدة التى تجعل رُكبهم ترتجف وأسنانهم تصطك ذعرا وخوفا. وشكرا لأنك بقيت تراوغنا بالكلام من أجمله، وبالحب من أعذبه، وبالقصيدة التى تنبض بالحياة من أكثرها انتماءً للحرية.

وسيظل الغزاةُ من كلماتك يرتجفون. وسيحملون فى آخر المطاف غبارهم ليخرجوا من أرضنا. وكنتَ تعرف أنهم راحلون. فى آخر المطاف سيعبرون مثلما يعبر المارون بين الكلمات العابرة. وسنظل نقول لهم:

"احملوا أسماءكم وانصرفوا/ واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا/ وخذوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة/ وخذوا ما شئتم من صور، كى تعرفوا/ أنكم لن تعرفوا/ كيف يبنى حجرٌ من أرضنا سقف السماء".

ولك أن تغفو قليلا، إلا أنك لن تغيب. ساعتك لم تأت بعد. الحرية، حسب التوقيت الذى تسجله عقارب الحجارة والبندقية والعبوة الناسفة، ما يزال فيه متسع للكثير من الأغاني، وللكثير من الأطفال الذين يُقتلون بقذيفة عشوائية، وللكثير مما نهرب منه إلى برارى الحرية.

ولك أن تغفو قليلا. كلنا سنغفو. سيمر يوم على قلبك المفتوح ليضمنا حجراً أو قذيفةَ أر.بي.جى أو قصيدة. ولنفتح قلوبنا، مثلك، على أطفال جدد، وعلى أحرار يولدون مضرجين ويموتون مضرجين.
ودمنا رملنا.
هو الأرض التى تعود لتلد ما يموت وما يُقتل فينا.

ولكنك لن تموت، ليس لأننا لا نريد أن نعبر هذا الجسر إلى الأبدية، بل لأن الحرية لم تكمل دورتها الدموية.

ولكن لك أن تغفو أو تنام قليلا. فـ"نم يا حبيبي، ساعةً/.../هى ساعة للانهيار/هى ساعة لوضوحنا/هى ساعة لغموض ميلاد النهار".

وستعرفُ مثلما كنتَ تعرفُ، انه: "لا شيء يكسرنا، فلا تغرق تماما/ فى ما تبقى من دم ٍفينا/ لنذهب داخل الروح المحاصر بالتشابه واليتامى" "..." هى هجرة أخرى/ فلا تكتب وصيتك الأخيرة والسلاما/.../ سقط السقوطُ، وأنت تعلو/ فكرةً / ويداً و… شاما/.../ لا برّ إلا ساعداك/ لا بحر إلا الغامض الكحليّ فيك/ فتقمص الأشياء كى تتقمص الأشياء خطوتك الحراما".

سيحاولون تشييعك، ولكننا خلف الجنازة، أمامها، تحتها، وفوقها، سنغني:
"الله أكـبــر
هـذه آياتنا، فاقرأ
باسم الفدائى الذى خلقا
من جزمة أُفـُقا
باسم الفدائى الذى يرحل
من وقتكم .. الى ندّه الأول
الأول.. الأول
سـندمر الهيكل…. سندمر الهيكل".

فنم هانئ البال مطمئنا. إنما النصر ساعة. صبر ساعة. وساعة الحرية التى من أجلها عشت، لم تأذن لك، بعد، بالرحيل.

فلن ترحل. ولن يرحل طفل فى يده حجر. ولن يغيب شعرٌ ما يزال يدججُ أعداءنا بالذعر، ويدججنا بالحرية.

نقول، شكرا للأم التى بقيت تحن إلى خبزها وقهوتها. وللأرض التى أطعمتك من ملحها وللشعب - الأسطورة الذى جعلك شاعرا، وللحرية التى حولتها، فوق رؤوسنا، سماء وسقفا.
ولكنك لن ترحل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
محمود درويش المعجزة.............شاعر الحرية لا يموت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي بحر مصر  :: المنتديات العامة المتخصصة :: الشعر الادبي للهواة والمحترفين-
انتقل الى: